أكد وزير الخارجية والتجارة الهنغاري، بيتر سيارتو، أن التعاون مع الكويت ومنطقة الخليج المزدهرة من شأنه أن يساعد الاتحاد الأوروبي على إنماء اقتصاده مجدداً، مشيراً إلى أن «الكويت قريبة من قلوبنا، والشعب الهنغاري يحترم كثيراً الكويت وشعبها وتاريخها المليء بالنضال من أجل الحرية». وفي لقاء حصري مع «الجريدة»، خلال زيارته للكويت قبل أيام، قال سيارتو الذي وقّع اتفاقيتَي تعاون في مجالي الثقافة والأمن السيبراني: «لدينا أمل كبير بأن تتاح الفرصة لشركة هنغارية للطباعة الأمنية لطباعة رخص القيادة الكويتية»، داعياً رجال الأعمال الكويتيين والشركات الكويتية للاستثمار في هنغاريا، «حيث وضعها السياسي الفريد في أوروبا بسبب استقرارها السياسي». وفيما يلي نص الحوار:
• ما أبرز أهداف زيارتك للكويت؟
– لقد جئت ليس فقط كوزير لخارجية هنغاريا، ولكن كوزير يمثّل دولة تتولى الآن الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، تعلمون أن الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي سيعقدان قمة في أكتوبر المقبل في بروكسل، وقد بدأ التحضير لتلك القمة بالفعل.
وهدفنا هو أن نوضح أن من مصلحة الاتحاد الأوروبي العمل مع مجلس التعاون الخليجي بشكل أوثق بكثير مما هو عليه حتى الآن. وبالنظر إلى حقيقة أن القدرة التنافسية الأوروبية قد تراجعت، فإن الاتحاد الأوروبي يضعف من الناحية الاقتصادية، ومع الأسف، من الناحية السياسية أيضاً، وأعتقد أن التعاون مع منطقة مزدهرة مثل الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، سيساعد الاتحاد الأوروبي على تغيير هذا الاتجاه واستعادة الاقتصاد الأوروبي نموّه مرة أخرى.
نحضّر لانعقاد اللجنة الاقتصادية المشتركة في بودابست منتصف أكتوبر المقبل
ولذلك، نودّ خلال «قمة بروكسل»، أن نستأنف المحادثات حول اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون ونظام الإعفاء من التأشيرات بيننا، ونحن نأمل أن يكون الزملاء الأوروبيون شركاء في ذلك، ويسعدني أن دول مجلس التعاون مهتمة بالأمرين.
من ناحية أخرى، أتيت إلى الكويت لتكثيف العلاقة بين بلدينا والتحضير لانعقاد اللجنة الاقتصادية المشتركة التي ستعقد في منتصف شهر أكتوبر المقبل في بودابست، والتي ستشهد أيضا منتدى للأعمال لاستكمال التوفيق بين الشركات الكويتية والهنغارية.
اتفاقيات وتعاون
• كم عدد الاتفاقيات التي وقّعتها خلال زيارتك؟
– التقيت وزير الخارجية عبدالله اليحيا، الخميس الماضي في ديوان الوزارة، وتناول اللقاء مجمل العلاقات الثنائية المتينة التي تربط البلدين الصديقين وسبل تنميتها في المجالات كافة، كما تم بحث المستجدات الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية.
وعقب اللقاء تم توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تعكس مدى عزم بلدينا في تعزيز وتنمية التعاون الثنائي القائم بينهما في المجالات الحيوية كافة.
نأمل استئناف محادثات اتفاقية التجارة الحرة ونظام الإعفاء من التأشيرات بيننا
فقد وقّعنا مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال الأمن السيبراني والتعاون الرقمي وبرنامج تنفيذي للتعاون الثقافي بين حكومة بلدينا للأعوام 2024/ 2025 – 2026/ 2027، كما وقعنا مذكرة تفاهم بين معهد سعود الناصر الصباح الدبلوماسي في وزارة الخارجية الكويتية والأكاديمية الدبلوماسية الهنغارية بوزارة الشؤون الخارجية والتجارة في هنغاريا.
نحن نحترم كثيراً الكويت وشعبها وتاريخها، حيث إن هذا التاريخ مليء بالنضال من أجل الحرية، وهو مشابه جداً للتاريخ الهنغاري بالنسبة لنا.
ورغبة الكويت في السيادة والحرية، تجعلها قريبة من قلوبنا. وبناء على هذا الفهم المشترك، نحن مهتمون بتعزيز وتحسين التعاون الاقتصادي بيننا.
ولذلك، فإن هيئة الاستثمار الكويتية تبحث في فرص للاستثمار ببلدنا، وشركتنا الوطنية للنفط تعمل مع شركة النفط الكويتية على بعض التقنيات التي يمكن الاستفادة منها هنا، والمفاوضات حول تعزيز صادرات الصناعات الغذائية الهنغارية إلى الكويت مستمرة. ولدينا أمل كبير في أن تتاح الفرصة لشركة هنغارية للطباعة الأمنية، لطباعة رخص القيادة الكويتية، كما أن شركة هنغارية رائدة في مجال الأمن السيبراني قد أسست بالفعل شركة تابعة لها هنا، وستبدأ أنشطتها في العام المقبل.
مذكرات التفاهم مع الكويت تعكس عزم بلدينا على تنمية التعاون بكل المجالات الحيوية
لدينا مجالات تعاون كثيرة، وخلال محادثاتي مع وزراء المالية والتجارة والخارجية، أظهرنا جميعًا التزامنا بتسريع هذه العلاقة وتطويرها ورفعها إلى مجالات أرحب.
مثال نادر للاستقرار
• ما رسالتك لرجال الأعمال الكويتيين، وما هي الفرص الاستثمارية في بلادكم؟
– الوضع في هنغاريا فريد للغاية في القارة الأوروبية، فإذا نظرت إلى المشهد السياسي الأوروبي، سترى أن حكومات هذه الدول تتغيّر بسرعة كبيرة. فالحكومة الألمانية تكافح بعد أن خسرت الانتخابات الإقليمية بشكل سيئ للغاية، ونحو 20 دولة من أصل 27 دولة، فازت قوى المعارضة فيها في انتخابات البرلمان الأوروبي.
كما أن فرنسا اضطرت إلى إجراء انتخابات مبكرة موقتة… إذاً، الحكومات تتغير بسرعة كبيرة في أوروبا.
في المقابل، فإن هنغاريا لديها مثال نادر للاستقرار في هذا الصدد، فالحكومة تتولى الحكم للعام الخامس عشر على التوالي. وآمل أن نحصل في الانتخابات المقبلة على دعم الشعب مرة أخرى، لأسباب كثيرة، أهمها أنه خلال السنوات الـ 15 الأخيرة، كان اقتصادنا يتطوّر بسرعة وبثبات، ووفّرنا مليون فرصة عمل جديدة منذ تولينا الحكم، وهذا رقم قياسي، رغم أننا نحتل المرتبة 95 عالمياً عندما يتعلق الأمر بعدد السكان، الا أننا نحتل المرتبة 33 عالمياً من حيث الصادرات، ونحن من بين الدول الثلاث في العالم التي توجد كبرى شركات صناعة السيارات الألمانية الثلاث الفاخرة بمصانعها الخاصة، ونحن الآن الدولة الرابعة في العالم بإنتاج البطاريات الكهربائية، وقريباً مع الاستثمارات الجارية التي يتم استكمالها، سنكون الرقم 2 بعد الصين.
إذاً، يمنح النظام السياسي والاقتصادي المستقر فرصة جيدة للمستثمرين عندما يتعلق الأمر بالسندات الحكومية، وعندما يتعلق بتطوير البنية التحتية والصناعية والاستثمارات.
وبما أن معدل النمو يشهد ارتفاعاً بشكل مطّرد في السنوات الأخيرة، فقد تجاوزنا الأزمات الكبرى التي تعرّضنا لها بسبب وباء كورونا، كما نجونا من أزمة التضخم الناجمة عن الحرب في جوارنا، وذلك من خلال اتخاذنا إجراءات وقرارات سريعة، وكما تعلمون، فإن الاستقرار يوفّر فرصة فريدة من نوعها لأي مستثمر.
وبالتالي، فإن هذا الاستقرار الفريد من نوعه في أوروبا، هو الرسالة التي يمكن أن أبعثها لطمأنة رجال الأعمال الكويتيين حول ضمان استثماراتهم.
خط رحلات مباشر
ردّاً على سؤال عما إذا كنا سنشهد قريباً خط رحلات مباشرا بين البلدين، قال الوزير سيراتو: «ستكون الرحلات الجوية المباشرة مهمة للغاية بين بلدينا، لأن العلاقة ستنتقل إلى بعد جديد، وقد أجرينا مفاوضات مع الخطوط الجوية الكويتية ومع شركات طيران خاصة»، مشيراً إلى أن «الشركات الخاصة أظهرت الكثير من الاهتمام تجاه هذه الفرصة».
60 عاماً من العلاقات المتميّزة بين هنغاريا والكويت
أكد الوزير سيارتو أنه «طوال هذه السنوات الـ 60، تابعنا تاريخ بعضنا، فقد تم غزو الكويت بالضبط عندما استعدنا حريتنا بعد نضال طويل من أجل الاستقلال والسيادة، لذا، نشعر بتعاطف قوي جداً تجاه الكويت».
وأضاف: «عندما تقول كلمة الكويت في هنغاريا، يتردد من خلالها صدى كفاحنا من أجل الحرية، لذلك علينا أن نستفيد من هذا التعاطف المتبادل وحسن النية المحايدة، وعلينا أن نترجم كل ذلك إلى نجاحات عملية. وأنا على يقين تام بأننا نستطيع أن نجعل من اللجنة الاقتصادية الكويتية – الهنغارية المشتركة معلماً مهماً، ومن منتدى الأعمال الكويتي – الهنغاري علامة فارقة أخرى، ونحن ندعم الشركات الهنغارية للدخول إلى سوق الكويت في مجالات معينة».