أعلن معهد الكويت للأبحاث العلمية عن إجراء باحثين لدراسة فريدة من نوعها، تمثلت في تنفيذ مسح شامل لنسبة الأملاح المعدنية والفيتامينات الموجودة في الأعلاف التي تُستخدم لتغذية أغنام النعيمي في دولة الكويت، خلصت إلى وجود فجوات واضحة في التغذية المعدنية ضمن بعض المزارع مما يؤثر سلبًا في صحة الأغنام وإنتاجيتها، ويتسبب في عدد من المشكلات الصحية.
وقد شملت الدراسة 30 مزرعة موزعة في مناطق الوفرة، والعبدلي، والصليبية، حيث صُنّفت المزارع حسب حجم القطيع إلى: مزارع صغيرة (50–150 رأسًا)، ومزارع متوسطة (250–350 رأسًا)، ومزارع كبيرة (500 رأس فأكثر).
وخلال عملية المسح، جُمعت أكثر من 100 عينة من الدم والعلف لتحليلها مخبريًا، بهدف دراسة عدة متغيرات، إذ شملت معدلات النفوق بين الحملان حديثة الولادة والإجهاض بين النعاج، ولمعرفة تركيبة الأعلاف والنسبة التي تحتوي عليها من مركزات وأعشاب مالئة، ومدى تأثير ذلك على الحالة الصحية للحيوان بوجه عام، وإصابته ببعض الأمراض بوجه خاص. كما تم تسجيل جميع الأعراض المرضية التي قد يسببها نقص الأملاح المعدنية والفيتامينات، من أجل تقييم كفاءة مزارع الماشية الغذائية، وبناءً عليه تقديم التوصيات المناسبة بالاستعانة بطبيب بيطري.
وأظهرت نتائج عملية المسح أن جميع المزارع تعتمد نظام الإيواء المحصور، نتيجة عدم توفر مراعي، نظرًا لبيئة الكويت الصحراوية، وارتفاع درجة الحرارة، بالإضافة إلى انخفاض معدل سقوط الأمطار، يتم تغذية الأغنام في نظام الإيواء المحصور بمزيج من المركزات والأعشاب المالئة بنسبة 70:30. كما تختلف كميات العلف المقدَّمة للنعاج حسب مراحلها التناسلية، مع مراعاة زيادة الكمية خلال فترتي الحمل والرضاعة.
وبدورها ذكرت رئيسة المشروع، د. هناء بورزق من مركز أبحاث البيئة والعلوم الحياتية التابع للمعهد أنه على الرغم من أن الإدارة التغذوية في معظم المزارع كانت مقبولة إلى حدٍّ ما، فإن الدراسة كشفت عن مشكلات متكررة في بعض المزارع، أبرزها انخفاض محتوى الأملاح المعدنية والفيتامينات في العلف، مما أثّر بلا شك في الحالة الصحية العامة للأغنام، بالإضافة إلى ظهور العديد من الأعراض التي تثبت هذا القصور. كما أن إهمال وضع العلف في أماكن يسهل الوصول إليها من قِبل الحملان الصغيرة، أدى بكل تأكيد إلى عدم حصولها على كميات كافية من العلف، مما أثّر في الحالة الصحية لهذه الأغنام.
تم تحليل عينات الدم والعلف المجمعة من مزارع الماشية، ولقد بيّنت التحاليل المخبرية الآتي:
•غالبية الحيوانات تعاني من نقص في عنصر الكوبالت، وخصوصًا صغار الحملان، مما أدى إلى ظهور أعراض تتعلق بنقص هذا العنصر، مثل: الخمول، وضعف جودة الصوف. وبناءً على ذلك، تم تقديم التوصيات بإعطاء مكملات غذائية مناسبة تحتوي على عنصر الكوبالت، مما ساعد في زيادة أوزان الحيوانات بمعدل 6 كجم خلال ستة أسابيع.
•تبيّن وجود نقص في عنصر النحاس، والذي يمكن الاستدلال عليه من أعراض مثل: انحناء الظهر وفقدان صبغة الصوف. وقد أوصت الدراسة بحقن الأغنام بجرعات مناسبة من النحاس تحت إشراف الطبيب البيطري.
•كما رُصدت حالات نقص في السيلينيوم وفيتامين (هـ) لدى بعض الأغنام، مما أدى إلى إصابة الحملان الصغيرة بما يُعرف بمرض «العضلات البيضاء»، الذي يسبب فقدان القدرة على الحركة. وقد ساهمت المعالجات باستخدام الجرعات الصحيحة من السيلينيوم وفيتامين (هـ) في استعادة هذه القدرة لدى الأغنام المتأثرة.
•شملت النتائج كذلك رصد نقص في عنصري الكالسيوم والفوسفور، الضروريين خاصة في المراحل الأخيرة من حمل النعاج، إذ إن اختلال التوازن بينهما يؤدي إلى تكوُّن الحصوات البولية. وتمت التوصية بموازنة النسب بين الكالسيوم والفوسفور من خلال حقن الأغنام بكلوريد الأمونيوم لتقليل خطر الحصوات.
خلصت الدراسة إلى أن هناك فجوات واضحة في التغذية المعدنية ضمن بعض مزارع الأغنام في الكويت، مما يؤثر سلبًا في صحة الأغنام وإنتاجيتها، ويتسبب في عدد من المشكلات الصحية. وعليه، توصي الدراسة باعتماد استراتيجية جديدة تهدف إلى تحسين تركيبة الأعلاف المستخدمة في المزارع المحلية، إلى جانب تطبيق ممارسات إدارية سليمة لتعزيز الأداء التناسلي لأغنام النعيمي والحد من الوفيات، خاصة في البيئات الصحراوية مثل الكويت.