اخر اخبار نواب مجلس الأمة

«التمييز»: التعثّر في عدم بيع الشاليهات للمشترين لا يعد جريمة نصب واحتيال

في حكم قضائي بارز قضت محكمة التمييز الجزائية برئاسة المستشار، سلطان بورسلي، ببراءة متهمين اثنين من تهم النصب والاحتيال وغسل الأموال على خلفية اتهامهما بجرائم النصب وبيع شاليهات بالمخالفات للقانون.

وقالت المحكمة، في حيثيات حكمها، إن من المقرر أن جريمة النصب بطريق الاحتيال القائم على التصرف في مال ثابت ليس مملوكاً للمتصرف ولا له حق التصرف فيه لا تتحقق إلا باجتماع شرطين، هما أن يكون العقار المتصرف فيه غير مملوك للمتصرف، وألا يكون للمتصرف حق التصرف في ذلك العقار، ويجب أن يتحقق هذان الشرطان معاً لإدانة المتهم في هذه الجريمة.

واضافت المحكمة أن القانون قد نص في المادة 231 من قانون الجزاء على أن الطرق الاحتيالية في جريمة النصب يجب أن يكون من شأنها الإيهام بوجود مشروع كاذب أو تغيير حقيقة هذا المشروع أو إخفاء وجوده أو غير ذلك من الأمور المبينة على سبيل الحصر في المادة آنفة البيان، فما دامت محكمة الموضوع قد استخلصت في حدود سلطتها أن المشروع، الذي عرضه المتهم على المجني عليه هو مشروع حقيقي جدي، فإن أركان جريمة النصب لا تكون متوافرة.

المحكمة برأت المتهمين من جرائم غسل الأموال لتبرئتهما من جريمة المصدر

وكان من المقرر أيضاً – في تفاصيل الحكم – أن مفاد نص المادة الثانية من القانون رقم 106 لسنه 2013 بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب أنه يلزم لقيام جريمة غسل الأموال أن تكون الأموال محلها متحصلة من جريمة، وأن هذه الجريمة تستلزم فضلاً عن القصد الجنائي العام قصداً خاصاً هو نية إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مكانه أو صاحب الحق فيه.

وكان من المقرر أن أساس الأحكام الجنائية إنما هو حرية قاضي الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى، وللمحكمة تقدير آراء الخبراء شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة ما دامت قد اطمأنت إلى تقرير الخبير وأخذت بما جاء به فلا يجوز مجادلتها في ذلك لتعلق الأمر بسلطتها في وزن أدلة الدعوى وأن الأصل أن المحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير متى كانت وقائع الدعوى قد أبدت ذلك عندها وأكدته لديها.

وقالت المحكمة عن استئناف النيابة العامة قبل المتهم، إنه فلما كان ما تقدم، وكان البيّن من أوراق الدعوى ومستنداتها أن ما ساقته النيابة العامة من أدلة قبل هذ المتهم لا يرشح لقيام جريمة النصب في حقه جريمة المصدر – إذ إن الثابت من تقرير إدارة الخبراء بوزارة العدل المودع ملف الدعوى والذي تطمئن إليه المحكمة في هذا الخصوص وتأخذ به محمولاً على أسبابه أن سبب عدم تسجيل القسائم المقام عليها الشاليهات موضوع الدعوى باسم المشتري يرجع إلى وجود دعوى مقامة من وزارة المالية على الشركة البائعة لهذه القسائم تطالبها برسوم الأرض الفضاء مما أدى إلى توقف إدارة التسجيل العقاري عن نقل ملكية تلك القسائم لحين الفصل في الدعوى، وأن الملزم بسداد هذه الرسوم لوزارة المالية هي الشركة البائعة للقسائم.

كما أن هذه الشركة طبقاً للبند الخامس من عقد بيع القسائم هي الملزمة بنقل ملكية القسائم للطرف المشتري خالية من أي رهن رسمي أو حياري أو أي حق أصلي أو تبعي، وهوما تستخلص منه المحكمة أن عدم نقل ملكية القسائم المقام عليها الشاليهات موضوع الدعوى، وبالتالي عدم نقل ملكية الشاليهات للمشترين لها لا يعدو أن يكون مجرد إخلال بالتزام تعاقدي بين أطرافه – سواء البائع للقسائم أو البائع للشاليهات – ولا يشكل ثمة جريمة جنائية تستوجب العقاب، إذ إن تصرف المتهم بطرح الشاليهات المقامة على الأرض الذي اشتراها والده المتوفى للبيع لا يعد تصرفاً في مال لا يملك التصرف فيه، إذ أنه كما بيّنا سلفاً يحق للمشتري بعقد غير مسجل التصرف في هذا المال، وأن هذا التصرف بعد حواله لحقه الشخصي قبل البائع له، ومن ثم فإن كافة العوائق التي أدت إلى تعثر المشروع سواء ما تعلق منها بعدم اكتمال بعض الشاليهات أو عدم تسليمها أو عدم نقل ملكيتها أو غير ذلك لا يمكن بأي حال اعتباره جريمة نصب بطريق الاحتيال لسلب مال الغير، إذ إن الثابت بتقرير إدارة الخبراء أن المشروع حقيقي وتم تسليم أغلب الشاليهات للمشترين لها، ومن ثم فلا يوجد إيهام بمشروع كاذب أو واقعة غير موجودة، بل أن المشترين تحصّلوا على الشاليهات من الشركة البائعة لها بموجب عقود صحيحة وتم تسليم أغلبهم ما تم التعاقد عليه، وإن كان هناك بعض الالتزامات العقدية التي لم ينفذها البائع في هذه العقود فانه يحق للمشتري الرجوع عليه مدنياً بطلب الفسخ ورد الثمن والتعويض ان كان له وجه باعتباره إخلالاً بالتزام تعاقدي يرتب التزامات متبادلة بين أطرافه، ومن ثم فان المحكمة تخلص إلى انتفاء جميع الأركان القانونية اللازمة لقيام جريمة النصب المنسوبة للمتهم وتلتفت عن أدلة الثبوت التي ساقتها النيابة العامة إذ أنها – للأسباب المار بيانها -غير صالحة للاستدلال بها على توافر جريمة النصب وثبوتها في حق المتهم، وخلت الأوراق من دليل آخر يصلح لذلك، ومن ثم يتعين القضاء برفض استئناف النيابة العامة وتأييد الحكم المستأنف فيما انتهى إليه من براءة المستأنف ضده من هذه التهمة دون حاجة لبحث دفع المتهم بعدم جواز نظر الدعوى السابقة الفصل فيها وحصوله على العديد من أحكام البراءة في تهمة النصب إذ إن ما انتهت إليه هذه المحكمة من قضاء بالبراءة عن تهمة النصب يلتقي في نتيجته مع عدم جواز نظرها.

وبينت المحكمة ولما كان ذلك، وكانت هذه المحكمة قد انتهت إلى براءة المستأنف ضده من جريمة النصب جريمة المصدر – وكانت جريمة غسل الأموال لا تقوم إلا إذا كانت الأموال محلها متحصلة من جريمة، وإذ انتفت جريمة النصب في حق المتهم، كما خلت الأوراق من ثمة دليل يدل على أن تلك الأموال متحصلة من جريمة أخرى، فضلاً عن خلو الأوراق مما يثبت أن المتهم قد تعمد إخفاء أموال المشترين للشاليهات أو تمويه طبيعتها الحقيقية أو مصدرها أو مكانها أو صاحب الحق فيها، وهوما ينفي القصد الجنائي اللازم لقيام جريمة غسل الأموال في حقه، وأخذاً بما تقدم، فان المحكمة تخلص إلى انتفاء جريمة غسل الأموال وعدم ثبوتها في حق المتهم، وكان استئناف النيابة العامة لم يأت بجديد بما يغير ما انتهى إليه الحكم المستأنف فيما قضى به من براءة المستأنف ضده من هذه التهمة وهو ما يتعين معه رفض استئناف النيابة العامة وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من براءة المستأنف ضده من تهمة غسل الأموال موضوع الاتهام الأول عملاً بالمادة 1/208 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية.

وكان من المقرر أن ثبوت جريمة المصدر يعد شرطاً مفترضاً في جريمة غسل الأموال وأن الجريمة الأخيرة تدور مع الأولى وجوداً وعدماً، فلا مجال للحديث عن جريمة غسل الأموال ما لم توجد أموال متحصلة من مصدر غير مشروع ويشكل جريمة مع علم الجاني بحقيقة تلك الأموال أنها متحصل عليها من جريمة، وكان الحكم بالإدانة يجب أن يبنى على الجزم واليقين الذي يثبته الدليل المعتبر ولا يؤسس على الظن والاحتمال، وكانت هذه المحكمة قد انتهت الى انتفاء جريمة النصب التي ارتكنت إليها النيابة العامة في إسناد الاتهام للمتهمة – باعتبارها جريمة المصدر – لما ثبت بالأوراق من أن مشروع بناء الشاليهات وطرحها للبيع هو مشروع حقيقي وقائم على الطبيعة وتم تسليم أغلب المشترين لهذه الشاليهات وأن الحصول على أموال من المشترين كان مقابل بيع هذه الشاليهات لهم بموجب عقود ترتب التزامات متبادلة بين أطرافها، ومن ثم فإن مصدر هذه الأموال يعد مصدراً مشروعاً ولا جريمة فيه وانتهت المحكمة – على نحو ما سلف – إلى انتفاء جريمة النصب وخلو الأوراق من ثمة دليل يؤكد أن هذه الأموال متحصلة من جريمة أخرى، فضلاً عن أنه لم يثبت تعمد المتهمة إخفاء هذه الأموال أو تمويه طبيعتها الحقيقية أو مصدرها أو مكانها أو صاحب الحق فيها، وأن تداول هذه الأموال أو غيرها في حسابات المتهمة البنكية أو حساب الشركة المملوكة لها بفرض صحة ذلك لا تنهض بذاتها دليلاً على أن مصدرها غير مشروع أو أنها متحصلة من جريمة بعينها.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط