بينما نحتفل بالذكرى السنوية الـ101 لإعلان الجمهورية التركية، نجد أنه وقت للتأمل والفخر، ليس فقط بإنجازات أمتنا، ولكن أيضاً بالعلاقات القوية والدائمة التي بنيناها مع أصدقائنا في جميع أنحاء العالم.
يصادف 29 أكتوبر يوماً للفخر الوطني للمواطنين الأتراك، ولحظة لتكريم إرث الغازي مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس جمهوريتنا، وتكريم الأبطال الذين قاتلوا من أجل استقلال أمتنا ووحدتها.
نحني رؤوسنا إجلالاً لذكرى الغازي مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس جمهوريتنا، ولجميع الأبطال، الرجال والنساء، الذين قاتلوا جنباً إلى جنب وضحوا بأرواحهم من أجل استقلال أمتنا ووحدتها.
60 عاماً من الصداقة: تركيا والكويت
ويحمل عام 2024 أهمية خاصة بالنسبة لتركيا والكويت، إذ نحتفل بالذكرى الستين لتأسيس علاقاتنا الدبلوماسية. على مدى هذه العقود الستة، تطورت شراكتنا من بدايات متواضعة إلى علاقة عميقة ومتعددة الأوجه، مدعومة بالقيم المشتركة والروابط الأخوية. وكسفارة، فقد احتفلنا بهذه المناسبة السعيدة من خلال سلسلة من الفعاليات.
إن العلاقات بين تركيا والكويت لا ترتكز على الدبلوماسية فحسب، بل تستند إلى تاريخ طويل من الاحترام المتبادل والتعاون الذي يمتد إلى مئات السنين. ونحن اليوم نصف علاقاتنا بكل فخر بأنها «متميزة» ونموذج للشراكات الإقليمية والدولية.
وتحت القيادة الحكيمة للرئيس رجب طيب أردوغان وصاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، تواصل علاقاتنا الازدهار، وبلغت آفاقاً جديدة في السنوات الأخيرة، من خلال الزيارات الرفيعة المستوى المتكررة وتوقيع اتفاقيات مهمة في مجالات مثل التجارة والدفاع والاستثمار.
إن الزيارة الأخيرة التي قام بها سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد إلى تركيا في شهر مايو الماضي، والتي تم خلالها توقيع ست اتفاقيات، هي مثال واضح على قوة الروابط بيننا، كون تركيا أول دولة غير عربية يزورها سموه بعد توليه سدة الحكم، ما يسلط الضوء بشكل أكبر على العلاقات الفريدة والوثيقة بين بلدينا.
«الأوقات الصعبة تكشف عن الأصدقاء الحقيقيين»
لقد وقفت تركيا والكويت دائماً جنباً إلى جنب في الأوقات الصعبة. وفي أعقاب الزلازل المدمرة التي ضربت تركيا في وقت سابق من هذا العام، كان إخواننا وأخواتنا الكويتيون من بين أوائل من عرضوا مساعدتهم، مما أظهر مرة أخرى عمق صداقتنا.
وكما يقول المثل: «الأوقات الصعبة تكشف عن الأصدقاء الحقيقيين».
وقد تجلى هذا التضامن جلياً مؤخراً عندما قدمت الكويت دعمها لتركيا بعد الهجوم الإرهابي الذي وقع في أنقرة. وفي مواجهة مثل هذه الأحداث المأساوية، كان دعم الكويت الثابت مصدر قوة وعزاء لتركيا. ونحن نشعر بالامتنان العميق للصداقة النموذجية التي تربطنا بالشعب الكويتي والحكومة الكويتية.
رؤية مشتركة للسلام والاستقرار الإقليمي
بالإضافة إلى علاقاتنا الثنائية، تتقاسم تركيا والكويت رؤية أوسع للسلام والاستقرار في المنطقة. لقد دعمت الدولتان منذ فترة طويلة الحل العادل للقضية الفلسطينية، وعملنا معاً على تقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة. لقد وضعت الجهود المشتركة للسلطات التركية والكويتية كلا البلدين في طليعة تقديم المساعدة للفئات الأكثر ضعفاً في غزة.ونحن في تركيا نؤمن إيماناً راسخاً بأن المجتمع الدولي، وخاصة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يجب أن يتخذ التدابير الفورية والضرورية لمنع المزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة. ومن الضروري أن تتحرك المؤسسات المسؤولة عن الحفاظ على السلام والأمن العالميين بشكل حاسم لحماية مستقبل الشرق الأوسط.
تعزيز الشراكة والعلاقات الشعبية بين تركيا والكويت
إننا نعتبر التجارة الثنائية وغيرها من أشكال التفاعل الاقتصادي مكونات أساسية في علاقاتنا. ففي عام 2023، بلغ حجم تجارتنا ما يقرب من 700 مليون دولار. ويوجد في الكويت نحو 50 شركة تركية تعمل بشكل رئيسي في قطاعات البناء والمنسوجات المنزلية والملابس، والعطور والمجوهرات والخدمات. كما وصلت الاستثمارات الكويتية في تركيا إلى 2 مليار دولار، وتتركز بشكل رئيسي في القطاع المالي والعقاري.
وإذا أخذنا في الاعتبار الروابط الثقافية والتاريخية والدينية بين بلدينا، والإمكانات التي يتمتع بها كلا البلدين، فإن هذه الأرقام لا ترقى إلى مستوى الإمكانات الفعلية. ومن ثم فإن زيادة حجم التجارة الثنائية والاستثمار بين بلدينا يظل أمرا ضروريا بالنسبة لنا.
كما تتطور علاقاتنا الشعبية، حيث يعد الكويتيون من بين أكبر المشترين الأجانب للعقارات في تركيا، حيث اشتروا أكثر من 8000 عقار في السنوات السبع الماضية. إضافة إلى ذلك، استقبلنا 57.7 مليون زائر في عام 2023، وفقاً لأحدث الأرقام. وزار نحو 400 ألف سائح كويتي تركيا، ما يجعل الكويتيين من بين أكبر زوار تركيا نسبة إلى عدد سكانها.
مع الأخذ في الاعتبار كل هذه العوامل، فإننا نعتقد أن التشابه الثقافي هو العامل الرئيسي الميسر للتفاعل بين بلداننا. وأعتقد اعتقاداً راسخاً أن زيادة التفاعلات الثقافية من شأنها أن تستمر في تعزيز هذا الزخم وعلاقاتنا الأخوية.
وفي الختام، فإن العلاقات بين تركيا والكويت تشكل مثالاً واضحاً على كيفية قدرة دولتين على بناء شراكة متعددة الأوجه قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والالتزام بالأهداف المشتركة. وبينما نتطلع إلى المستقبل، فإننا نواصل التزامنا بمواصلة تعزيز علاقاتنا ورعاية علاقة تعود بالنفع على البلدين وتساهم في الاستقرار الإقليمي والعالمي.
نسأل الله أن يديم الصداقة الدائمة بين الجمهورية التركية ودولة الكويت.
* سفيرة الجمهورية التركية لدى دولة الكويت