قال وزير المالية اللبناني ياسين جابر، إن «لبنان يتطلّع الى اليوم الذي يكون جاهزا لاستقبال المستثمرين الكويتيين من جديد، ولبنان يُكثّف جهوده في ظل التحديات الراهنة ويستعد لكي يكون بلدا آمنا على كل الصعد، أمنياً ومصرفياً واستثمارياً».
وفي تصريح لـ «الجريدة»، على هامش ندوة حوارية مع جابر ووزيرالاقتصاد اللبناني عامر البساط، استضافها القائم بأعمال السفارة اللبنانية لدى البلاد أحمد عرفة، بالتعاون مع مجلس الأعمال اللبناني في الكويت، وبحضور حشد كبير من الأكاديميين ورجال الأعمال اللبنانيين وأبناء الجالية اللبنانية، قال جابر: «مرّ لبنان واللبنانيون بمحنة طويلة وتحديداً في السنوات الـ 6 الأخيرة مع الانهيار المالي، وانفجار مرفأ بيروت، مرورا بجائحة كورونا، والفراغ الرئاسي وحكومة تصريف الأعمال، وصولا إلى الحرب الشرسة، ولكن لا يوجد أي أمر مستحيل، ونحن نعمل على استعادة ثقة الجميع، وخصوصاً أهلنا وأشقاءنا الكويتيين».
لن نصنع المعجزات ولكن قطار الإصلاح انطلق على السكة الصحيحة ولن يستطيع أحد إيقافنا
وأشار إلى أن الكويت هي أول دولة عربية يزورها بشكل رسمي بعد تشكيل الحكومة اللبنانية، معتبراً أن «لبنان واللبنانيين يدينون كثيراً للكويت التي لدينا ذكريات كثيرة مع أهلها في وطنهم الثاني، ونتمنى عودتهم مجددا».
وأوضح أنه «منذ انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة في زمن قياسي، شعرنا كما العالم، بتغيير حقيقي، فاليوم، لبنان يسير باتجاه الإصلاح الحقيقي مع هذه الحكومة، والأمور تعود إلى نصابها مع انتخاب رئيس وحكومة، فقد انطلق عملنا تحت عنوان (الاصلاح)، وستشعرون بهذه الانطلاقة خلال أسابيع قليلة».
واستدرك بقوله: «لن نصنع المعجزات، ولكننا سنخرج من هذه الأزمة المالية والاقتصادية التي عشنا فيها خلال السنوات الماضية، إذ إننا سنحارب الفساد، وسنوقف الهدر وسنعيد ببناء اقتصادنا»، ملقياً اللوم على تقاعس الوزراء المتعاقبين في معظم الوزارات وعلى حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة الذي يقبع في السجن حالياً «بسبب سياسته المالية».
جابر: نعيش في منطقة زلازل سياسية والأيام القريبة مقلقة قد تشهد تحولاً كبيراً بين أميركا وإيران
وذكر جابر أن «سياسيي لبنان وأحزابه بدأوا يعيدون التفكير ووجدوا أنهم لا يستطيعون الاستمرار كما كانوا في السابق، لأن ما سنشهده في هذا العهد يختلف عما كان عليه الوضع سابقا، فلا يمكننا العيش دائماً على المساعدات وعلى الدين، بل نحن بحاجة لإعادة العافية الى الدولة المهترئة، وتحديث القوانين، وتشجيع المستثمرين، وتنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص».
وعلى صعيد الجيش، أوضح جابر: «اننا نعمل على تحقيق أمني كامل، وهذه هي خطتنا المستقبلية، ونريد تقوية ودعم وتسليح جيشنا، الذي تعيش آلياته العسكرية على الهبة القطرية»، موضحا أنه «لا خيار إلا بالسير إلى الأمام، والقطار انطلق على السكة الصحيحة ولن يستطيع أحد إيقافنا».
وبينما وصف لقاءه مع نظيره السوري على هامش الاجتماع السنوي المشترك لمجلس وزراء المالية والدورة الاعتيادية
الـ 16 للمجلس التي استضافتها الكويت بـ»الجيد، وأتمنّى أن نشهد زيارات متبادلة قريباً»، أوضح جابر»أننا نعيش في منطقة زلازل سياسية ومتغيرات إقليمية كبيرة»، محذّراً «من أيام قريبة مقلقة قد تشهد تحولاً كبيراً وجذرياً بين إيران وأميركا».
جابر: 6.9 مليارات دولار تكلفة إعادة الإعمار وفق البنك الدولي بينها 4.5 مليارات للمباني
إيداعات وإعمار
وخلال مداخلته في الندوة، قال جابر إن «الحكومة اللبنانية بصدد وضع خطة لمعالجة قضية المودعين الذين تقل ودائعهم عن 100 ألف دولار والذين يمثلون 84 في المئة من المودعين في لبنان»، لافتاً إلى أن القيمة الإجمالية لودائعهم تصل إلى نحو 20 مليار دولار.
ورداً على سؤال عن عمليات إعادة الإعمار، أوضح أن «تكلفة إعادة الإعمار وفق تقديرات البنك الدولي تبلغ نحو 6.9 مليارات دولار، بينها 4.5 مليارات للمنازل والمباني المدمّرة، و800 مليون دولار للبنى التحتية، و600 مليون للمصالح والمصانع الخاصة»، مشيراً إلى أن «العالم يريد مساعدة لبنان بشكل عام، ولكن علينا في البداية أن نثبت أن التغيير قادم ويحدث فعليا».
وذكر أن «لبنان يتفاوض حاليا مع البنك الدولي على قروض عدة، أحدها لتأسيس صندوق لإعادة البنى التحتية في المناطق المتضررة»، موضحا أن «البنك الدولي وضع لهذا الصندوق 250 مليون دولار كمبلغ تأسيسي».
وبين أنه «كلما تقدم لبنان في برنامجه الإصلاحي وبدأ في معالجة هذه المشاكل كانت هناك قابلية أكثر على أن يكون هناك دعم مالي، وهذا ما يعبر عنه العالم كله سواء الأشقاء العرب أو صندوق النقد والبنك الدولي».
عامر البساط
أما وزيرالاقتصاد اللبناني عامر البساط «المتفائل»، فتحدث عن نظرة اقتصادية طويلة المدى، وعن الأزمة والانهيارات المالية التي لم تمر على أي دولة في العالم، مؤكدا أن «هدفنا اعادة لبنان الى عافيته».
وقال البساط: «نحن ننظر الى لبنان على انه انتاجي لا استهلاكي، لبنان استثماري لا بلد مدين، كما كان في السنوات السابقة»، داعياً إلى «إعادة الثقة والعلاقة الصحيحة بين القطاعين العام والخاص».
وأشار إلى أن «الملفات التي نعمل عليها اليوم هي: الملف الاجتماعي، واعادة الاعمار، والكهرباء والانترنت، والتي تعتبر تعرفتها الأغلى عالمياً، وهناك الملف الاداري والتنمية الادارية، اضافة إلى الملف المالي وحل عادل للمودعين الذين خسروا ودائعهم»، مطالباً بتحويل فكرة العودة السريعة للاقتصاد اللبناني الى العودة المستدامة، على غرار الارجنتين وتشيلي.
خليل: كفاءات وطنية مؤهلة لمعالجة مشاكل لبنان
قال رئيس مجلس الأعمال اللبناني في الكويت علي خليل، في كلمته الترحيبية في بداية الحلقة الحوارية إن «وجود رئيس للجمهورية ورئيس للوزراء وأعضاء في الحكومة من كل الأطياف السياسية والمجتمعية هو دليل على قدرتنا على توحيد الجهود، وجمع افضل ما لدينا من الكفاءات الوطنية المؤهلة لمعالجة مشاكل لبنان المزمنة».
وأضاف خليل: «ماذا نريد أكثر؟ لدينا رئيس مصمم على إعادة بناء المؤسسات المالية، والقضائية، والأمنية، ولدينا رئيس وزراء مرجع في القانون الدستوري والدولي، ووزراء يتمتعون بالكفاءة والقدرة على التنفيذ، أما نحن فليست لدينا أي طموحات سياسية، وإنما نحن مجموعة من رجال الأعمال الذين جاؤوا إلى الكويت، جمعنا هدف مشترك أن نظل موحدين وملتزمين، بالقدر نفسه، برفاهية كل من الكويت ولبنان من خلال تشجيع التبادل التجاري والثقافي».
وأعرب عن أمله «أن يتحّول لبنان إلى بيئة جاذبة للأعمال، قائمة على قواعد واضحة وشفافة في التجارة والضرائب، وعدالة سريعة، ونظام مصرفي متين، وبنية تحتية فعالة من كهرباء وإنترنت وخدمات أساسية… أعطونا ذلك، وسنضاعف استثماراتنا وتجارتنا أضعافاً مضاعفة، سنستورد، وسنستثمر، وسنبني المصانع، وسنوظّف».