اخر اخبار نواب مجلس الأمة

سفير طاجيكستان: الكويت شريك فاعل في تعزيز التعاون بين آسيا الوسطى ودول الخليج

قال عميد اللك الدبلوماسي، سفير جمهورية طاجيكستان لدى الكويت د.زبيد الله زبيدوف، إن الرؤية الجماعية الواردة في مفهوم «آسيا الوسطى 2040» للتنمية والتعاون الإقليمي تجسد طموحاً مشتركاً لدول المنطقة يقوم على القيم المتبادلة والمصالح المشتركة ومجالات التعاون ذات الأولوية.

وأضاف أن هذه الرؤية تمثل منارة تنير درب الازدهار الإقليمي، مؤكداً أن آسيا الوسطى ليست مجرد مركز لمنظمة شنغهاي للتعاون، بل حلقة جيوسياسية واقتصادية محورية في النظام الدولي تمتد آثارها إلى مجالات التجارة والاقتصاد والطاقة والنقل والاتصالات والصناعة والاستثمار، فضلاً عن الجوانب الثقافية والإنسانية.

وأوضح زبيدوف أن دول آسيا الوسطى تسهم إسهاماً ملموساً في تنفيذ أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030، مشيراً إلى أن بلدان المنطقة قدمت عشرات المبادرات لدعم السلام وتعزيز التنمية المستدامة، وهو ما يعكس التحول العميق الذي شهدته نحو الاستقرار والدينامية الاقتصادية، بما يجعلها مؤهلة لتكون إحدى المناطق الأكثر ازدهاراً في المستقبل القريب.

وتابع أن طاجيكستان اضطلعت بدور قيادي خلال العقدين الماضيين في الدفع بقضايا المياه والمناخ على الساحة العالمية، إذ أطلقت سلسلة من المبادرات التي أفضت إلى اعتماد 14 قراراً في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وشكلت إطاراً متكاملاً ينسجم مع أهداف أجندة 2030 ويعزز الإدارة المنسقة للموارد المائية عالمياً.

وأشار إلى أن أنهار طاجيكستان الجليدية توفر نحو 60 في المئة من موارد المياه في آسيا الوسطى، غير أن تسارع ذوبانها نتيجة التغير المناخي يشكل تهديداً حقيقياً لاستقرار النظام البيئي في المنطقة، لافتاً إلى أن بلاده بادرت إلى الدعوة لإعلان عام 2025 «السنة الدولية لحماية الأنهار الجليدية»، وهو ما أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع.

وقال إن العاصمة دوشنبه استضافت في مايو الماضي المؤتمر الدولي الرفيع المستوى الأول حول حماية الأنهار الجليدية بمشاركة واسعة من الدول والمنظمات الدولية، ما يعكس أهمية هذه المبادرة وحجم الدعم الدولي الذي تحظى به.

وأضاف السفير زبيدوف أن دول آسيا الوسطى تقف في الخطوط الأمامية من الجهود الدولية لمكافحة التهديدات الأمنية الحديثة، بما في ذلك الإرهاب والتطرف والراديكالية والاتجار غير المشروع بالمخدرات والجريمة المنظمة العابرة للحدود، موضحاً أن التنظيمات الإرهابية أصبحت اليوم أكثر قدرة على استغلال الفضاء الرقمي لنشر الفكر المتطرف واستقطاب الشباب.

وأكد أن مواجهة هذه التحديات المعقدة تتطلب استجابة جماعية منسقة، لأن أي دولة لا تستطيع التصدي لها منفردة، مشيراً إلى أن التعاون الإقليمي والدولي يشكل الركيزة الأساسية لحماية الأمن المشترك.

وأشار إلى أن «مسار دوشنبه لمكافحة الإرهاب وتمويله» يمثل منصة متعددة الأطراف بالغة الأهمية تتيح التعاون العملي والحوار الشامل وتبادل الخبرات بين الدول، لافتاً إلى أن «مرحلة الكويت من مسار دوشنبه»، التي استضافتها دولة الكويت في نوفمبر 2024، شكّلت نموذجاً يحتذى في تعزيز التنسيق الدولي لمكافحة الإرهاب وإرساء آليات فعالة لأمن الحدود.

وأضاف أن شراكة طاجيكستان والكويت في هذه المبادرة تجسد مبدأ المسؤولية الجماعية في ظل التحديات الجيوسياسية الراهنة، معرباً عن ثقته بأن التعاون الوثيق مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب وسائر الشركاء الدوليين سيسهم في تحقيق أهداف مسار دوشنبه.

كما تطرق السفير إلى المؤتمر الدولي حول إعادة الأشخاص من مخيم «الهول» والمخيمات ومراكز الاحتجاز المحيطة، الذي عقد في سبتمبر 2025 بنيويورك، مبيناً أن طاجيكستان ودول آسيا الوسطى استعرضت خلاله تجربتها الناجحة في إعادة النساء والأطفال من سوريا، في خطوة إنسانية بالغة الأهمية تعكس التزام المنطقة بمبادئ السلام والإنسانية.

وأكد زبيدوف أن التزام طاجيكستان بتحقيق السلام والاستقرار والأمن المستدام داخل المنطقة وخارجها يظل حجر الزاوية في سياستها الخارجية، مشيراً إلى مبادرة الرئيس إمام علي رحمان لاعتماد قرار أممي يعلن «عقد تعزيز السلام للأجيال المقبلة»، وهو نداء عالمي لترسيخ ثقافة السلام مع التركيز على دور الشباب الذين يشكلون أكثر من نصف سكان المنطقة.

وقال إن مستقبل الشباب هو مستقبل المنطقة، لذا يجب تكثيف الجهود لحمايتهم من التأثيرات الهدامة للتطرف والإرهاب، من خلال التعليم والمشروعات الاجتماعية وتوفير الفرص الاقتصادية الحقيقية، مشيداً بالدعم الدولي الواسع الذي حظيت به هذه المبادرة.

وفي سياق آخر، أشار زبيدوف إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت في يوليو 2025 قراراً تاريخياً بعنوان «دور الذكاء الاصطناعي في إيجاد فرص جديدة للتنمية المستدامة في آسيا الوسطى»، بناءً على مبادرة من جمهورية طاجيكستان، موضحاً أن هذا القرار يعد خطوة مفصلية نحو بناء توافق عالمي حول الاستخدام الأخلاقي والآمن لتقنيات الذكاء الاصطناعي، بما يشمل تطوير آليات التنظيم الذاتي والحَوْكَمة المسؤولة.

وأضاف أن القرار نص على إنشاء مركز إقليمي للذكاء الاصطناعي في دوشنبه لتنسيق التعاون بين دول آسيا الوسطى في هذا المجال، ما يفتح آفاقاً جديدة للاستثمار ويعزز التعاون الدولي في مجالات الرقمنة والتكنولوجيا الحديثة.

وأكد السفير زبيدوف أن دول آسيا الوسطى ودول مجلس التعاون الخليجي تربطها روابط تاريخية وثقافية وروحية عميقة أسهمت على مدى قرون في بناء الحضارة الإنسانية، مشيراً إلى أن هذه القيم المشتركة تشكل قاعدة متينة لتطوير علاقات الصداقة والتعاون بين الجانبين.

وقال إن المبادرة التاريخية لإنشاء حوار استراتيجي بصيغة «آسيا الوسطى – مجلس التعاون لدول الخليج العربية» تكتسب أهمية خاصة، مثمّناً الدور الكبير الذي تؤديه دولة الكويت بصفتها رئيسة هذا الحوار، ومعرباً عن تقديره لصاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح على جهوده الكبيرة في دعم التعاون بين المنطقتين.

وأضاف أن القمة الأولى لقادة دول مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى التي عقدت في جدة في يوليو 2023 أقرّت خطة عمل مشتركة للفترة 2023–2027، تضمنت مجالات الحوار السياسي والأمني والتعاون الاقتصادي وفرص الاستثمار وتعزيز التواصل بين الشعوب، مشيراً إلى أن القمة الثانية المقبلة ستمنح دفعة قوية لمسيرة التعاون بين الجانبين.

وتابع زبيدوف قائلاً إن آسيا الوسطى تزخر بإرث حضاري وإنساني زاخر أسهم في إثراء الثقافة العالمية، مؤكداً أهمية الحفاظ على هذا التراث وصونه من الاندثار، وتعزيز التعاون الثقافي والتعليمي بين دول المنطقة ودول الخليج، خصوصاً في مجالات العلوم الدقيقة والطبيعية والرياضية.

وأوضح أن التعاون بين الثقافات يشكل أداة فعالة لتعزيز التفاهم بين الشعوب وترسيخ الثقة المتبادلة، داعياً إلى جعل بلدان آسيا الوسطى نموذجاً في التسامح والاحترام المتبادل لقيم وتقاليد الآخر.

وأشار إلى أن العلاقات بين دول آسيا الوسطى تمتد جذورها إلى العصور التي ازدهر فيها طريق الحرير العظيم، ذلك الشريان التجاري الذي جمع بين الشرق والغرب وما زال يحتفظ بأهميته حتى اليوم.

وأضاف أن دول المنطقة تدرك الأهمية المحورية لأفغانستان كصلة وصل رئيسية لإنجاح المشاريع الإقليمية في مجالات التجارة والنقل والاتصالات، مؤكداً أن تحقيق هذه الأهداف يعتمد على استقرار الأوضاع في أفغانستان وتعزيز الأمن فيها.

وختم السفير زبيدوف مؤكداً أن الحل المستدام لتحديات أفغانستان يكمن في تعزيز العمل الدبلوماسي والسياسي وتبني سياسات تنموية شاملة، مشيراً إلى أن دول آسيا الوسطى ستواصل دعمها لجارتها الجنوبية انطلاقاً من الروابط التاريخية والثقافية التي تجمع الشعوب.

وقال إن آسيا الوسطى اليوم ليست مجرد إقليم جغرافي، بل فضاء نابض بالتعاون والأمل والطموح المشترك، مؤكداً التزام دول المنطقة بمبادئ السلام والازدهار المستدام وبناء مستقبل يعكس طموحات الشعوب ويخدم استقرار العالم بأسره.

 

 

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط