انسجاماً مع الشراكة الاستراتيجية التي تجمع مصر والكويت، عقد في القاهرة، منتدى الاستثمار والأعمال، الذي نظمه مجلس التعاون المصري الكويتي.
وترأس الاجتماع من الجانب الكويتي محمد جاسم الصقر، فيما ترأسه من الجانب المصري إبراهيم العربي، وذلك بحضور سفير دولة الكويت في مصر غانم الغانم، وسفير مصر لدى الكويت أسامة شلتوت، إلى جانب حضور نخبة من الوزراء والمسؤولين الحكوميين المصريين.
ناقش الجانبان خلال الاجتماع سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين، مع التركيز على القطاعات الواعدة التي تمثل أولوية لكلا الجانبين، في إطار الشراكة الاستراتيجية التي تجمع البلدين.
وألقى رئيس الجانب الكويتي لمجلس التعاون المصري الكويتي محمد الصقر كلمة في مستهل المنتدى أشار فيها إلى أهمية الفعالية التي تجسد الروابط الأخوية والتاريخية بين دولة الكويت وجمهورية مصر العربية الشقيقة، والتي تمتد جذورها في وجدان الشعبين، وتتجدد فصولها بالتعاون والعمل والمشترك.
أضاف الصقر في كلمته «إن كان مجلس التعاون المصري الكويتي إطاراً جامعاً لتطوير العلاقات الثنائية في مختلف الميادين، فأستميحكم عذراً أن أركز في كلمتي هذه على ميدان التعاون الاقتصادي الذي أضحى ضرورة ملحة وعاجلة في ظل تشكّل نظام اقتصادي عالمي جديد ومضطرب يفرض علينا وبإلحاح أن نبحث عن فرص للتكاتف والتعاون داخل فضائنا الإقليمي لمجابهة حروب تجارية وحمائية اقتصادية لم نشهد مثلها منذ قرن مضى.
استثمار بمستقبل الامة
وقال الصقر: خلال فترة عملي كنائب لرئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت ثم رئيساً لمجلس إدارتها خلال الفترة من عام 2018 وحتى عام 2023، لمست عن قربٍ حرص الغرفة الدائم على تنمية العلاقات مع جمهورية مصر العربية، إدراكاً منّا كممثلين عن القطاع الخاص الكويتي لأهمية هذه العلاقة الاقتصادية الاستراتيجية، وإيماناً راسخاً بأن الاستثمار في مصر ليس مجرد رهان على مستقبلها فحسب، بل هو استثمارٌ في حاضر ومستقبل الأمة العربية بأسرها.
أضاف: لقد دأبت غرفة تجارة وصناعة الكويت، وعلى مدى أكثر من ستين عامًا، على تنظيم الوفود الاقتصادية إلى مختلف الدول، لكن قلة من هذه الوفود كانت استثنائية بحجمها وأهميتها. ومن بين خمسة وفود كبرى نظمتها الغرفة، كانت أربعة منها متجهة إلى مصر، وكان آخرها في أكتوبر 2022، حين ترأست وفداً اقتصادياً كويتياً ضم أكثر من أربعين ممثلاً عن كبرى الشركات والاتحادات القطاعية الكويتية، وكان لهذا الوفد شرف استثنائي إذ حظي بلقاء مطول ومثمر مع فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي. وقد أثمر هذا اللقاء عن تذليل العديد من التحديات التي واجهت المستثمرين الكويتيين في مصر، في دلالة واضحة على حرص القيادة المصرية على توفير بيئة استثمارية جاذبة ومناخ اقتصادي مشجع للمستثمرين الكويتيين.
مع ذلك، وإن كنّا نثمن ما تحقق من إنجازات، لا يخلو واقع الأعمال والاستثمارات من تحديات متجددة، نأمل أن يكون هذا اللقاء منصة فعالة لمعالجتها بروح من العدل والإنصاف والسرعة في التنفيذ.
1500 شركة مستثمرة
وأشار إلى أن «الاحصائيات تكشف أن نحو 1500 شركة كويتية تستثمر بمصر، وفي قطاعات التمويل والإنشاء والتصنيع على وجه الخصوص. وتأتي الكويت في المركز الخامس في قائمة أهم الدول المستثمرة في مصر والثالثة عربيّاً بعد دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. وهذه الاستثمارات الكويتية التي تبلغ حوالي 20 مليار دولار مرشحةٌ لتحقيق طفرات بالحجم والنوع في ظل الفرص الواعدة في السوق المصرية في مجالات مثل صناعة السيارات والأدوية والصناعات الهندسية والغذائية، بجانب القطاع العقاري وقطاعات الاتصالات والطاقة المتجددة، وإنشاء الصوامع والمراكز اللوجستية والبنية التحتية والزراعة والبنوك، هذا بالإضافة إلى برنامج الطروحات الحكومية المنبثق عن»وثيقة سياسة ملكية الدولة«تلك الوثيقة التي تعبر وبصدق عن توجه الدولة المصرية لتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتمكين القطاع الخاص وتشجيعه».
وقال «رغم ذلك، أسمحوا لي أن أؤكد أنه في الوقت الذي يكثر فيه السعي نحو تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر، وهو سعي نرى ثماره وأكله جليةً، لم تأخذ تنمية التجارة البينية بين دولة الكويت وجمهورية مصر العربية نصيبها الكافي من التنمية المنشودة، مما جعلها لا ترقى لمستوى الطموحات بل ومتواضعة جداً قياساً بالإمكانيات. فبين عامي 2014-2023 سجلت الصادرات المصرية إلى الكويت متوسطاً سنويّاً بلغ 367 مليون دولار فقط مستحوذة على 0.7% من الصادرات المصرية الكلية لعام 2023، وبمثل هذا المستوى المحدود بلغ المتوسط السنوي لقيمة الصادرات الكويتية إلى مصر في نفس الفترة 71 مليون دولار، وفي عام 2023 بلغت الصادرات الكويتية إلى مصر 120 مليوناً، منها 88% إعادة صادرات».
أضاف الصقر: قد توافقونني الرأي أن تلك التجارة البينية المحدودة لا تتفق مع الطموحات المصرية الهادفة إلى زيادة حجم الصادرات المصرية من 42 مليار دولار عام 2023 إلى 145 ملياراً بحلول عام 2030، كما أنّ الصادرات الكويتية إلى مصر لا تعكس قدرة الاقتصاد الكويتي التصديرية عامة وقدراته على إعادة التصدير خاصةً. وهذا يحتاج إلى تحرك سريع ومدروس لتعزيز التجارة البينية لتعكس القدرات التصنيعية المصرية في العديد من القطاعات والتي تستطيع أن توفر للكويت قدراً من الأمن السلعي في العديد من المنتجات مثل المنتجات الهندسية والزراعية والغذائية، وهو ما يساعد على أن تعزز مصر استقطاب الاستثمارات الكويتية التي لا تستهدف السوق المصرية فقط، بل والسوق العالمية عامة والكويتية خاصةً، ويدعم ذلك كله تعزيز التكامل الإقليمي الذي أمسى ضرورة في ظل حمائية تجارية عالمية وتبدلات سياسية وصراعات جيوسياسية وتعطل لسلاسل الإمداد.
وختم الصقر كلمته بقوله: في فبراير من العام الجاري وأثناء اللقاء مع دولة رئيس الوزراء المصري، أكد سمو أمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد أن الكويت حظيت بدعم مصر منذ بداية نهضتها، وأشار سموه إلى ما نصح به الآباءُ في الكويت حين أوصوا بمصر خيراً، وأن الكويت لن تنسى ما قدمته مصر من دعم في الماضي، واعتبر سمو أمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد أن استقرار مصر هو استقرار للكويت وكل دعم تقدمه الكويت للشعب المصري هو دعم لمصالح شعب الكويت، ووجه سموه الحكومة الكويتية بدفع جهود التعاون مع مصر في المجالات ذات الاهتمام المشترك والعمل على زيادة الاستثمارات… وهو ما يؤكد أن مجلس التعاون المصري الكويتي ليس منصّةً تجمع بين فريقين، بل هو فريقٌ واحدٌ يعمل لمصلحة بلدين شقيقين.
وقال: أختم بما كان يجب أن أبدأَ به، فأعرب عن جزيل الشكر على كريم دعوتكم وجميل حفاوتكم وخصيب وجوهكم، ما جعلني وزملائي جميعاً نشعر بصدقٍ أننا لم ننتقل عن أهلنا إلا إلى أهلنا، ولم نغادر بلدنا إلا لنحط الرحال في بلدنا.
تعزيز بيئة الأعمال
بدوره أكد وزير العمل المصري محمد جبران في افتتاح المنتدى العمل على تعزيز بيئة الأعمال بين البلدين عبر مراكز تدريب العمالة.
وقال إن مصر تمتلك كوادر متميزة في كافة المجالات وحرصنا في الفترة الأخيرة على انشاء مراكز تدريب مهني لتوفير عمالة مدربة على أعلى مستوى قبل إيفادها للعمل في الدول الأخرى ومن بينها الكويت.
واضاف: ان وزارة العمل المصرية ترحب بالتعاون مع الكويت لتوفير الأيدي العاملة المطلوبة، ونقدم كل التسهيلات في هذا الإطار.
وأكد حرص الحكومة المصرية على الحوار المستمر مع اصحاب الأعمال والمستثمرين بما يدعم العلاقات المشتركة ويعزز بيئة الأعمال في مصر بجانب تعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين
وذكر جبران: لقاؤنا اليوم يأتي في أعقاب الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى الكويت، وهدفنا العمل على تيسير متطلبات العمالة المصرية في الكويت، لافتا إلى ان القاهرة عقدت في وقت سابق شراكات جيدة مع عدد من الدول منها السعودية والأردن وقال: بدأنا مؤخرا نعمل بنظام الربط الالكتروني في مجال قطاع العمل، إلى جانب تصنيف حوالي 150 مهنة متاحة لدينا في سوق العمل المصري، ونقوم بإتاحة التدريب باحترافية لهذه القوى العاملة قبل إلحاقها بالعمل في الخارج، وهذه المراكز يديرها القطاع الخاص، بأحدث الأساليب لتأهيل المتدربين لسوق العمل داخل مصر وخارجها.
وأشار إلى تطلع مصر إلى تنمية العلاقات مع الكويت من خلال زيادة حجم الاستثمارات الكويتية في مصر وزيادة التصدير ودعم التبادل التجاري بما يعود بالخير على البلدين، مؤكدا ان ارادة القيادة السياسية في البلدين تسهم في تعزيز عملية الاستثمار في مصر ودفعها إلى الامام واتاحة كل السبل لتحقيق ذلك.
مزايا وحوافز
من جهته، استعرض رئيس هيئة الاستثمار المصري، حسام هيبة، مزايا عديدة في واقع الاقتصاد والأجواء المحفزة على جذب الاستثمارات إلى مصر، خصوصا من الجانب الكويتي.
وأشار هيبة، في كلمته بالافتتاح إلى وجود قوة عمل شابة ماهرة حيث يوجد في مصر اكثر من 31 مليون عامل ماهر، واتفاقيات تجارة حرة مع اكثر من 70 دولة حول العالم لتسهيل التجارة.
وقال إن ثمة نقطة هامة في مجال التشجيع على الاستثمار في مصر، وهي وجود بنية تحتية متطورة، منها 702 محطة قطار و18 ميناء تجاريا، كما احتلت مصر المركز 27 في مؤشر البنية التحتية للمطارات.
ولفت إلى ان مصر تسعى نحو المستقبل وفق طموحات وآفاق رؤيتها لعام 2030 على النحو التالي:
• 6 إلى 7% معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي بحلول 2030.
• توفير ثمانية ملايين فرصة عمل بحلول 2030.
• الوصول لنسبة 79% نسبة الاستثمار الخاص إلى اجمالي الاستثمار بحلول 2030.
• وصول اجمالي الصادرات إلى 145 مليار دولار بحلول 2030.
• 6.1% معدل بطالة بحلول 2030.
• 42% من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول 2030.
كما استعرض اهم المناطق الحرة والمناطق التكنولوجية والمناطق الاستثمارية، إلى جانب المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وجميعها يمثل عناصر جذب للمستثمرين، ولديها ميزات نوعية محفزة للمستثمرين، على مستوى الضرائب المنخفضة او المعفاة تماما من الضرائب.
كما ألقى الضوء على ما يعرف بـ«الرخصة الذهبية» التي تمنح مزايا كثيرة للمستثمرين في مصر.
فرص واعدة أمام المستثمر الكويتي
استعرضت مساعد وزير قطاع الأعمال الدكتورة رشا عمر ، الفرص المتاحة في مصر امام المستثمرين الكويتيين في اطار منتدى الاستثمار والأعمال المصري الكويتي.
وألقت عمر، الضوء على بعض المشروعات الهامة المتاحة للاستثمار في عدد من القطاعات الاقتصادية المختلفة، منها مشروع لزيادة الطاقة الإنتاجية بمصنع الألومنيوم في منطقة نجح حمادي بصعيد مصر، بتكلفة حوالي مليار دولار، ومشروع آخر لإنشاء خط إنتاج جديد بتكلفة متوقعة 3 مليارات دولار.
واستعرضت ايضا مجموعة من المشروعات المميزة، منها مشروع إنتاج “جنوط” السيارات بتكلفة متوقعة 150 مليون دولار، وإنشاء مصنع جديد لرقائق الألومنيوم بتكلفة 70 مليون دولار، وإنشاء وحدة إنتاج الزجاج المستخدم في الطاقة الشمسية بتكملة 12 مليون دولار، وإنشاء خط مواسير جديدة بطاقة 25 الف طن سنويا بتكلفة 80 مليون دولار.
كما القت الضوء على مشروعات في قطاعات اخرى، منها فرص استثمارية في مجال الصناعات الكيماوية، مثل مصنع كلسنة الكوالين بتكلفة 5 ملايين دولار، ومشروع تأهيل مصانع الدلتا للأسمدة بتكلفة 420 مليون دولار.
كما استعرضت مساعدة الوزير الفرص الاستثمارية في مجال الأدوية وصناعة المستحضرات الطبية، وكذلك في مجال الغزل والنسيج والسياحة والفنادق. والتي اكدت ان جميعها يعد مشروعات واعدة امام المستثمر الكويتي في مصر.