اخر اخبار نواب مجلس الأمة

«الدستورية»: عقوبات «حماية المنافسة» تعسفية

مع حكمها بعدم دستورية البند 1 من المادة 34 من قانون حماية المنافسة، أكدت المحكمة الدستورية أن فرض جزاء مالي على الشخص المخالف بنسبة لا تتجاوز 10% من إجمالي الإيرادات التي حققها خلال السنة المالية السابقة على المخالفة يمثل جزاء مالياً تحكمياً وعقوبة تعسفية غير مبررة لا ترابط بينها وبين المخالفة، ومصادرة غير مشروعة لموارد الشركة المالية، ولا تتناسب مع الآثار الناجمة عنها.

وأكدت المحكمة أن هذه العقوبة يصمها الغلو والإفراط، ولا تتصل بالمنفعة التي عادت على الشركة منها، وتمثل اعتداء غير مبرر على عناصر الذمة المالية الخاصة بالشركة ومساهميها حَسني النية، معتبرة أنها بالغة القسوة وتهدد المركز المالي للشركة المتضررة، وتعصف بمبدأ شرعية الجريمة والعقوبة، وتعتدي على حق الملكية ورأس المال.

وذكرت أن هذا الجزاء المالي يصل في مداه إلى أن يعد شكلاً من أشكال المصادرة التي حظرها الدستور في المادة ۱۹ منه، إذ إن تمكين الإدارة من فرض جزاء مالي تحكمي ينصب على حصة شائعة من أموال الشركة تنتقل بموجبه إلى الذمة المالية للجهاز لتصبح جزءاً من موارده المالية يمثل شكلاً من أشكال المصادرة المحظورة دستورياً.

من جهة أخرى، قررت غرفة مشورة «الدستورية» عدم قبول طعن مواطنات للمطالبة بعدم دستورية إحدى مواد قانون مفوضية الانتخابات بشأن الالتزام بأحكام الشريعة للناخبات، وذكرت أنه لا يكفي لقبول الطعن المباشر مجرد الادعاء بأن النص التشريعي المطعون فيه مخالف للدستور، بل يتعين أن يكون قد ألحق ضرراً بالطاعن من جراء تطبيقه عليه، أو أن يكون احتمال الإضرار به راجحاً، بحيث يكون من شأن القضاء بعدم دستوريته إزالة هذا الضرر وتحقيق فائدة له.

وذكرت أن الطاعنات لم يقدمن أي دليل على أن ضرراً واقعياً قد حاق بهن من جراء تطبيق النص المطعون فيه عليهن، وبالتالي لا تتوفر لهن المصلحة في الطعن عليه.

كما قررت «الدستورية» عدم قبول طعن مواطنين بطلب الحكم بعدم دستورية بعض مواد قانون المرافعات بشأن التماس إعادة النظر في المحاكمات.

وفي تفاصيل الخبر:

لعدم تناسب الجزاء المالي المقرر مع المخالفات المنسوبة، قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية بعض مواد قانون حماية المنافسة، والتي تقرر فرض جزاءات مالية لا تتجاوز 10 في المئة على الشركات المخالفة للقانون، مشددة على أن المجلس التأديبي أسند ذاته للفصل في التظلمات من قراراته لتجتمع فيه صفة الخصم والحكم.

ووفق منطوق الحكم الصادر في جلستها اليوم برئاسة المستشار عادل البحوه في الطعن رقم 4 لسنة 2023 طعن دستوري مباشر، قضت بعدم دستورية البند 1 من المادة 34 من القانون رقم 72 لسنة 2020 في شأن حماية المنافسة، فيما تضمنه من فرض جزاءات مالية لا تتجاوز 10 في المئة من إجمالي الإيرادات التي حققها الشخص المعني خلال السنة المالية السابقة في حال مخالفة حكم المادة من هذا القانون، في حال مخالفة أحكام المواد أرقام 5 و6 و7 و8 من هذا القانون، ورفضت الطعن في خصوص باقي المواد المطعون فيها.

جزاء تحكمي

واستندت المحكمة في حكمها بعدم دستورية المادة 34 بند ۱ من القانون بناء على الطعن المقدم من إحدى الشركات، إلى مخالفتها المواد (7) و(16) و(18) و(19) و(32) و(33) و(34) من الدستور، وذلك لعدم تناسب الجزاء المالي المقرر في تلك المادة مع المخالفة المنسوبة للشركة الطاعنة المقررة بالمادة (8) من ذات القانون، إذ إن فرض جزاء مالي على الشخص المخالف بنسبة لا تجاوز 10 في المئة من إجمالي الإيرادات التي حققها خلال السنة المالية السابقة على المخالفة يمثل جزاءً مالياً تحكمياً وعقوبة تصفية غير مبررة لا ترابط بينها وبين المخالفة، ولا تتناسب مع الآثار الناجمة عنها، ولا تتصل بالمنفعة التي عادت عليها منها.

وأضافت «الدستورية» في حكمها: «فالثابت أنها تمارس العديد من الأنشطة التجارية ومنها بيع السيارات، كما أن هذا النشاط يشمل بيع مئات الأنواع والموديلات من السيارات الجديدة والمستعملة التي لا صلة بينها وبين موضوع المخالفة المنسوبة لها، فيكون فرض جزاء مالي يمثل حصة شائعة من أموال كل أنشطة الشركة يمثل اعتداء غير مبرر على عناصر الذمة المالية الخاصة بالشركة ومساهميها حسني النية، فضلاً عن أن الإيرادات التي اتخذت وعاءً قدرت من خلاله النسبة المئوية للجزاء المالي المفروض تشكل إجمالي دخل الشركة قبل خصم المصروفات، فباتت هذه النسبة توازي أو تزيد على صافي أرباح الشركة المتحصل من مختلف أنشطتها التجارية، وهي عقوبة مالية بالغة القسوة تهدد المركز المالي للشركة، وتعصف بمبدأ شرعية الجريمة والعقوبة، وتعتدي على حق الملكية ورأس المال».

وتابعت: «وجاء فرض هذا الجزاء المالي على ميزانية السنة المالية السابقة لوقوع المخالفة، على الرغم من أن هذه الإيرادات قد تحققت من خلال أنشطة مشروعة للشركة لا علاقة لها بالمخالفة المنسوبة لها.

الجزاء المالي

وتابعت المحكمة كما أنها لا ارتباط بينها وبين المنفعة التي عادت على الشركة من ارتكاب تلك المخالفة خلال السنة المالية التي وقعت فيها الممارسات محلها، مما يكون معه تقدير الجزاء المالي مرهونا بعوامل مستقلة عن المخالفة ذاتها، فإذا زادت إيراداته بسبب تجارته المشروعة خلال السنة المالية السابقة والمنبتة الصلة بالممارسة موضوع المخالفة، كان ذلك سبباً في تفاقم مقدار هذا الجزاء المالي، فتكون العقوبة المقررة بذلك قد بلغت حداً من الشدة تفتقر معه إلى وجود صلة تربطها بجسامة المخالفة المنسوبة إليها وظروف ارتكابها، مما يجعلها عقوبة غير معقولة وغير لازمة وتنطوي على إيلام غير مبرر وقسوة في غير ضرورة».

وقالت كما أن المشرع بتحديده الجزاء المالي في النص المطعون فيه على النحو سالف البيان قد خالف ما هو مستقر عليه في التشريعات الدولية المقارنة التي انتهجت مسلكاً موحداً في معالجة الممارسات المخالفة للمنافسة، من خلال اعتماد جزاء يتناسب مع طبيعة المخالفة ويتحدد بنطاق آثارها، ويصل هذا الجزاء المالي في مداه إلى أن يعد شكلاً من أشكال المصادرة التي حظرها الدستور في المادة ۱۹ منه، إذ إن تمكين الإدارة من فرض جزاء مالي تحكمي ينصب على حصة شائعة من أموال الشركة وتتعلق بكامل إيراداتها المالية للسنة المالية السابقة على المخالفة دون أي اتصال لهذه العقوبة بطبيعة المخالفة، المنسوبة للشركة وخطورتها ولا بالآثار الناجمة عنها ولا بالمنفعة التي عادت عليها نتيجة الممارسات محل المخالفة، لتنتقل هذه الأموال من الذمة المالية للشركة إلى الذمة المالية للجهاز لتصبح جزءاً من موارده المالية، فإن هذه العقوبة تمثل بذلك حالة من حالات تعارض المصالح، كما أنها تعد شكلاً من أشكال المصادرة المحظورة دستورياً.

وتابعت: وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن الأصل في النصوص التشريعية هو ارتباطها عقلاً بأهدافها، باعتبار أن أي تنظيم تشريعي ليس مقصوداً لذاته، وإنما هو مجرد وسيلة لتحقيق تلك الأهداف، وإذا كان المشرع يملك بموجب سلطته التقديرية وفقاً للدستور تحديد الأفعال التي يحظرها أو يقيد مباشرتها، والجزاءات التي توقع في حالة مخالفة الأحكام التي يقررها، سواء أكانت إدارية أو جزائية أو مالية، إلا أن شرط ذلك عدم الإخلال بالضوابط والضمانات التي كفلها الدستور والتي تمثل ضابطاً لصون الحقوق على اختلافها، وبما لا يفضي إلى نقضها أو الانتقاص منها، فلا يجوز له في مجال مباشرته سلطته التقديرية في تحديد تلك الجزاءات أن ينال من ضرورة لزومها لمواجهة المخالفات المرتكبة، وتناسبها مع جسامة تلك المخالفات والضرر الناجم عنها، واتفاقها مع الهدف الذي توخاه من تقريرها، فإذا تجاوزت تلك الحدود كانت غير مبررة.

نسبة الـ 10% اعتداء غير مبرر على المساهمين الحسني النية وعلى الذمة المالية للشركة

المنفعة العامة

وشددت على أن الملكية الخاصة هي من الحقوق التي كفل الدستور صونها، وأحاطها بضمانات جوهرية للحيلولة دون الاعتداء عليها، فلم يجز منع أحد من التصرف في ملكه إلا في حدود القانون، ولا أن ينزع عن أحد ملكه إلا بسبب المنفعة العامة في الأحوال المبينة بالقانون، وبشرط تعويضه تعويضاً عادلاً، وحظر المصادرة العامة للأموال وجعل عقوبة المصادرة الخاصة لا تكون إلا بحكم قضائي في الأحوال المبينة بالقانون.

وهذه الحماية التي كفلها الدستور للملكية الخاصة تمتد إلى الأموال جميعها، فلا يجوز المساس بها إلا على سبيل الاستثناء، وفي الحدود وبالقيود التي أوردها، وبالتالي ليس للمشرّع الإخلال بهذه الحماية من خلال نصوص قانونية تفقد ارتباطها عقلاً بمقدماتها.

استبعاد شركات الدولة من «المنافسة» لا يخالف مبدأ المساواة

جاء في حيثيات حكم «الدستورية» على الطعن المقدم من الجمعيات التعاونية على قانون حماية المنافسة، أن «المشرع قد أصدر القانون المطعون فيه لكي يحكم المنافسة في السوق الكويتية، بغرض تقويم السلوكيات والممارسات الضارة بالمنافسة الحرة التي تضر بالاقتصاد الوطني، كافلاً تطبيق أحكامه على كل شخص طبيعي أو اعتباري يمارس نشاطاً اقتصادياً أو تجارياً، مستبعداً سريان هذه الأحكام على أنشطة المرافق العامة والشركات المملوكة للدولة التي تقدّم السلع والخدمات الأساسية للجمهور، والتي يصدر بتحديدها قرار من مجلس الوزراء».

وذكرت أن هذا الأمر «تقتضيه المصلحة العامة لضمان تقديم هذه السلع والخدمات لجميع المواطنين في الدولة دون عائق يحول دون ذلك أو يعطل تقديمها إليهم، وعليه، فإن النص بذلك لا يكون قد تضمّن ما يخالف مبدأ المساواة، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس».

قرارات المجلس التأديبي ليست عصية على الرقابة القضائية

أوردت «الدستورية»، في حيثيات حكمها على طعن 14 جمعية تعاونية على قانون حماية المنافسة، أن المجلس التأديبي لا يملك إلا توقيع الجزاءات المالية الواردة بالمادة 34 في حال ثبوت ارتكابها، والفصل في التظلمات المرفوعة إليه من ذوي الشأن، والصادرة من المجلس، دون تضمن القانون إلزامه باتباع الإجراءات التي تتحقق بها ضمانات التقاضي أمامه، ويكون بذلك بمنزلة لجنة إدارية تنحسر عنها الصفة القضائية، وما يقوم به لا يتسم بطبيعة العمل القضائي أو يصطبغ بالصبغة القضائية، كما أن ما يصدر عنه من قرارات في هذا الشأن لا تكون لها منزلة الأحكام القضائية، ولا هي عصية على الرقابة من الوجهة القانونية، بل محض قرار إداري يخضع للرقابة التي يباشرها القضاء الإداري إعمالا لولايته في إطار مبدأ المشروعية. وبين الحكم أنه ليس من شأن إسباغ وصف النهائية على قراراته أن ينزع عن القضاء ولايته وبسط اختصاصاته في النظر بالطعن فيها للتحقق من صحتها والتثبت من سلامتها.

المحكمة: لا مصلحة للطاعنات بعدم دستورية «التزام الناخبات بالشريعة»

قررت المحكمة الدستورية، في غرفة المشورة، عدم قبول الطعن المقام من عدد من المواطنات بشأن عدم دستورية إحدى مواد قانون مفوضية الانتخابات بشأن الالتزام بأحكام الشريعة للناخبات.

وكانت الطاعنات قد طعنَّ بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 16 من القانون رقم 120 لسنة 2023 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة، فيما تضمّنته من النص على أنه «يُشترط لممارسة حق الانتخاب والترشح الالتزام بأحكام الدستور والقانون والشريعة الإسلامية»، قولاً منهن بأن هذا النص قد خالف مبدأ تدرّج القواعد القانونية بالمساواة بين الدستور والقانون، وجعلهما في مرتبة واحدة، وأقام تمييزاً غير مبرر بين المواطنين بسبب الدين، مما يمثّل إخلالاً بمبدأ المساواة وتقييداً للحرية الشخصية بالمخالفة للمواد 2و6 و29 و30من الدستور، وقد توافرت لهن مصلحة شخصية مباشرة للتقدم بطعنهن الماثل، باعتبار أنهن كويتيات مقيدات في جداول الانتخاب، وأن من شأن هذا النص حرمانهن من ممارسة حقهن في الترشح والانتخاب، وهو ما حدا بهن للتقدم بطعنهن الماثل».

في حين ذكرت المحكمة أنه لما كان ذلك، وكان من المقرر وفقاً للمادة الرابعة مكرراً،(المضافة بموجب القانون رقم 109 لسنة 2014 إلى قانون إنشاء المحكمة الدستورية أن يكون هذا النص قد ألحق ضرراً بالطاعن من جراء تطبيقه عليه، أو أن يكون احتمال الإضرار به راجحاً، بحيث يكون من شأن القضاء بعدم دستوريته إزالة هذا الضرر وتحقيق فائدة له، وبالتالي فإنه يلزم على الطاعن أن يقيم الدليل على هذا الضرر، ولا يكفي مجرد الادعاء به، بل يقع عليه عبء إثباته.

وبيّنت أنه كان الواضح من صحيفة الطعن أن الطاعنات لم يقدمن أي دليل على أن ضرراً واقعياً قد حاق بهنّ من جراء تطبيق النص المطعون فيه عليهن، بحيث يكون من شأن القضاء بعدم دستوريته إزالة هذا الضرر وتحقيق فائدة لهن، ولا يكفي لذلك مجرد أن يكنّ مقيّدات بجداول الانتخاب، إذ يتعين أن يبينّ مدى انعكاس تطبيق هذا النص على مركزهن ووضعهن حتى يمكن تحرّي المصلحة الشخصية المباشرة في ضوء ذلك، وهو ما خلت الأوراق من دليل عليه، وبالتالي لا تتوافر لهن المصلحة في الطعن على النص المشار إليه، ويتخلف بذلك مناط قبول الطعن، ويكون حريّاً التقرير بعدم قبوله ومصادرة الكفالة، لذلك قررت المحكمة – في غرفة المشورة – عدم قبول الطعن، ومصادرة الكفالة.

كما قررت «الدستورية» في غرفة المشورة عدم قبول الطعن المقام من عدة مواطنين بطلب الحكم بعدم دستورية بعض مواد قانون المرافعات بشأن التماس إعادة النظر في المحاكمات.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط